hera _hesta مشرفة ركن مجالس الطيبين للشرع والدين
عدد الرسائل : 67 السٌّمعَة : 0 نقاط : 0 تاريخ التسجيل : 26/02/2008
| موضوع: قضايا اسلامية السبت يونيو 07, 2008 9:30 pm | |
| هل عبارة « لولا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ما خلق الله الخلق » صحيحة المعنى، ولا تتعارض مع أصول الدين وأساسيات الاعتقاد الصحيح، وما هو معناها ؟ | الأصل في الألفاظ التي تجري على ألسنة الموحدين أن تحمل على المعاني التي لا تتعارض مع أصل التوحيد، ولا ينبغي أن نبادر برمي مسلم بالكفر والفسق والضلال والابتداع، فإن إسلامه قرينة قوية توجب علينا ألا نحمل ألفاظه على معناها الظاهر إن اقتضت كفرًا أو فسقًا، وتلك قاعدة عامة ينبغي على المسلمين تطبيقها في كل العبارات التي يسمعونها من إخوانهم المسلمين، ولنضرب لذلك مثلًا لذلك : فالمسلم يعتقد أن المسيح عليه السلام يُحيي الموتى، ولكن بإذن الله وهو غير قادر على ذلك بنفسه وإنما بقوة الله وحوله، والمسيحي يعتقد أنه يُحيي الموتى، ولكنه يعتقد أن ذلك بقوة ذاتية، وأنه هو الله، أو ابن الله، أو أحد أقانيم الإله كما يعتقدون. وعلى هذا فإذا سمعنا مسلم موحد يقول : «أنا أعتقد أن المسيح يحيي الموتى»، ونفس تلك المقولة قالها آخر مسيحي، فلا ينبغي أن أظن أن المسلم تنصر بهذه الكلمة، بل أحملها على المعنى اللائق بانتسابه للإسلام ولعقيدة التوحيد. أما العبارة الواردة إلينا في السؤال فلا ظاهرها، ولا باطنها يوحي بأي شرك، فإن اعتقد أي إنسان أن الله خلق الخلق من أجل مخلوق فهذا ليس كفرًا ولا يخرجه من الملة، غاية الأمر أنه اعتقد أمرًا خلاف الواقع، هذا إن كان الاعتقاد خاطئًا. ولكن معنى قولنا : «لولا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ما خلق الله الخلق» لا يتناقض مع الإسلام وأصول العقيدة وأساسيات التوحيد، بل تؤكد تلك العبارة ذلك كله وتدعمه خاصة إذا فُهمت بالشكل الصحيح الذي سنبينه إن شاء الله. فمعنى القول بأنه لولا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ما خلق الله الخلق، هو أن الله سبحانه وتعالى قال في كتابه العزيز : { وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ }([1])، فتحقيق العبادة هي حكمة الخلق، والعبادة لا تتحقق إلا بالعابدين، فالعبادة عرض قائم بالعابد نفسه، وأفضل العابدين هو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فهو عنوان العبادة، وعنوان التوحيد، كما أن الآية تتكلم عن الجن والإنس ولا تتكلم عن الخلق أجمعين. أما باقي ما في السموات والأرض فهو مخلوق لخدمة الإنسان، قال تعالى : { وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }([2]). وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هو عنوان الإنسانية، بل هو الإنسان الكامل ولقد خاطبه ربه بذلك قائلاً له سبحانه : { يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ }([3]). وعلى هذا فإن تلك العبارة منسجمة تمام الانسجام مع أصول التشريع الإسلامي؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم هو محقق حكمة خلق الخلق؛ لأنه عنوان قضية التوحيد والعبادة التي هي حكمة خلق الجن والإنسان، وهو الإنسان الكامل وعنوان الإنسانية التي من أجلها خلق الله ما في السموات والأرض، والله تعالى أعلى وأعلم.
1]) الذاريات : 56.
([2]) الجاثية : 13.
3]) الانشقاق : 6.
|
| |
|